قصتي مع جارتي



قصة رومانسية، قصة حب جيران، مشاعر صادقة، جارتي الجميلة، الحب من بعيد، قصص حب واقعية، احترام الجار، علاقات إنسانية، قصة حب هادئة، أدب المشاعر.


قصتي مع جارتي

لم أكن أظن أن امرأة تسكن في الشقة المقابلة، ستكون مصدر إلهامي ومبعث سلامي الداخلي. لم تكن قصتي مع جارتي تقليدية، ولم تنتهِ بنهاية درامية أو سعيدة، لكنها شكّلت محطة لا تُنسى في رحلتي مع الحياة والمشاعر.

البداية: لقاء الصدفة

اسمي يوسف، أعيش في الطابق الثالث من بناية هادئة بمدينة الدار البيضاء. الحياة تمضي بوتيرتها اليومية المملة: العمل صباحًا، العودة مساءً، ثم النوم على أمل جديد.
في أحد الأيام، وبينما كنت أفتح باب شقتي، اصطدمت نظراتي لأول مرة بجارتي الجديدة. امرأة في نهاية العشرينات، ترتدي بساطة لا تخلو من أناقة، تحمل بيدها بعض الأكياس، وتبدو مرهقة.

ابتسمت لي بلطف، فبادلتها التحية.
"مساء الخير، يبدو أنك جارنا الجديد."
أجابت بابتسامة دافئة:
"بل أنا من يجب أن أقول ذلك. وصلت قبل يومين فقط."

تعارف خفيف... وحدود واضحة

شيئًا فشيئًا، أصبحنا نتبادل التحية كل صباح. أحيانًا نلتقي في المصعد، وأحيانًا عند باب العمارة. الحديث بيننا لم يتعدَّ المجاملات في البداية، ثم تطور إلى حديث قصير عن الجو، العمل، والحياة في المدينة.

كان في حديثها نوع من الهدوء، وكانت تبتعد دومًا عن الفضول. لم تسألني عن حياتي الخاصة، ولم أحاول التوغل في خصوصياتها. لكن، مع مرور الوقت، بدأت أشعر أنني أنتظر لقاءها، حتى لو كان مجرد تبادل سلام.

بداية التعلق الصامت

كنت أجد نفسي أُطل من نافذتي على أمل رؤيتها تدخل العمارة. حين تتأخر، كنت أقلق، دون أن أعترف بذلك. كان في حضورها طمأنينة، وكأنها تزرع السكون في يومي، لمجرد أنها تمر.

ومع أنني لم أملك الجرأة لأُفصح عن مشاعري، إلا أنني بدأت أكتب عنها. صفحاتي امتلأت بوصف نظرتها، مشيتها، وصوتها حين تقول "صباح الخير". كنت أخشى أن أُفسد هذا الشعور الجميل إن حاولت ترجمته بكلمات مباشرة.

لقاء خارج العمارة

ذات مساء، وبينما كنت أحتسي قهوتي في المقهى القريب من البيت، تفاجأت بها تدخل وتطلب مشروبًا. لم تكن برفقة أحد. لم أتردد، ولو لمرة، واقتربت منها.

"هل يمكنني مشاركتك الطاولة؟"
أجابت بخجل:
"بكل سرور، يوسف."

تحدثنا طويلًا. أخبرتني أن اسمها سلمى، تعمل في مجال التصميم الداخلي، وتحب قراءة الروايات. كانت تحب الأشياء البسيطة، وتؤمن أن الجمال يكمن في التفاصيل الصغيرة.

في ذلك المساء، شعرت أنني اقتربت منها خطوة واحدة فقط، لكنها كانت كافية لأشعر أن شيئًا ما بدأ يتغيّر.

لحظات صامتة... ومشاعر بلا اعتراف

مرت الأسابيع، وصرنا نلتقي أحيانًا في المقهى، أو نتبادل الكتب. كان كل شيء يتم في إطار من الاحترام التام. لم أتجاوز حدود الجيرة، وهي أيضًا كانت حريصة على ذلك.

لكن القلوب لا تقرأ القوانين. كنت أشعر أنني أحبها، بصمت. وربما كانت تشعر، لكنها اختارت أن تترك الأمور كما هي.

قرار الرحيل

ذات يوم، وجدتها تحمل صناديق صغيرة أمام شقتها. اقتربت منها، وسألتها:
"هل تغادرين؟"
ابتسمت وقالت:
"حصلت على فرصة عمل في طنجة. كانت مفاجئة، لكنني لا أستطيع رفضها."

شعرت أن شيئًا ما يُنتزع من داخلي. لم أستطع قول شيء، فقط ساعدتها في نقل الأشياء. وفي النهاية، وقفت أمامي وقالت:
"كنت جارًا طيبًا، يوسف. أتمنى أن تجد السعادة التي تستحقها."

وغادرت.

النهاية: قصة بلا بداية

لم تكن هناك نهاية سعيدة. لا اعترافات، ولا وعود، ولا لقاءات أخرى. فقط قصة حب وُلدت في صمت، وعاشت في احترام، ورحلت بلا ضجيج.

لكنها علمتني الكثير. أن الحب ليس دائمًا صخبًا أو اندفاعًا. أحيانًا، يكون هدوءًا يسكن القلب، ويمنحنا القوة لنمضي، حتى بعد الغياب

Post a Comment

0 Comments